جعفر الصفار * - « صحيفة اليوم السعودية » - 29 / 8 / 2009م - 12:29 ص
«المسحر» هو الرجل الذي يوقظ الناس للسحور. يبدأ المسحر جولته قبل موعد الإمساك بساعتين، يحمل طبلته بحبل في رقبته فتتدلى إلى صدره، ويضرب عليها بعصا خاصة، لكي يوقظ الناس ليتناولوا سحورهم. ولكل حي مسحر أو أكثر حسب مساحة الحي وكثرة سكانه. ويقف المسحر عند أبواب المنازل ويصيح بأسماء أصحابها، ويردد هذه العبارة وهو يجوب الأزقة والشوارع معلناً وقت السحور «السحور يا عباد الله»، «يا أبو فلان السحور»، وتتغير الأهزوجة في نهاية شهر رمضان إلى (ودعوا يا كرام شهر الصيام، الوداع الوداع يا رمضان)، ولا يكتفي بالسير في هذا الوقت وحده، ولكن أهازيجه تجعل أطفال الحي وكبارهم أيضاً يسيرون خلفه ليرددوا وراءه ما يقول.
- مرافق خاص
ويرافق المسحر شخص آخر يحمل الفانوس خاصة وان إنارة الشوارع كانت محدودة في الماضي . ثم اختفى الفانوس وبقي المسحر. هذا الموروث الذي امتد من العصور الإسلامية يبحث له الآن عن موقع له في أيامنا هذه، بعدما كان متسيدا طيلة القرون المنصرمة. والمسحر لا يتقاضى راتباً نظير عمله، ولكن الكثير من أهل الخير ممن يطرق أبوابهم وينبههم لوقت السحور كانوا يقدمون له ما تجود به أنفسهم. بعض المسحرين اليوم يترحم على أيام زمان لأن فيها خيرا وبركة، ومازالت صورة المسحر راسخة في أذهان الآباء والأجداد فهم يعتبرونه نجم رمضان الذي لا يحلو السحور إلا بصوت طبله وسماع أهازيجه الجميلة، وقرعه للأبواب.
-خفايا المهنة
«اليوم» زارت أحمد حسن المسحر (أبو مجيب) في جزيرة تاروت بمحافظة القطيف والذي أفنى حياته في مجال إشعار الناس بحلول وقت السحور في ليالي شهر رمضان، لتكشف بعض خفايا المهنة.
يقول أبو مجيب والذي مارس هذه المهنة لأكثر من 60 عاماً ما أن يهل شهر رمضان حتى تملأ صدري الفرحة لقدومه، فأقوم بإخراج الطبلة الخاصة بي وأنظفها استعداداً لاستعمالها في الليلة الأولى من رمضان، وما ان تحين الساعة الثانية فجراً حتى أخرج من منزلي معلقاً طبلتي بحبل لتصل إلى صدري، فأقوم بقرعها بعصا خاصة، وفي السابق كان يرافقني من يحمل الفانوس لينير لي الشوارع المظلمة والضيقة، فيسمعني حين أقرع الطبلة أهل الحي فيخرج أبناؤهم خلفي، يعبرون معي الشوارع، وهم يرددون معي السحور يا عباد الله. مشيرا إلى أن مهنة التسحير مهن تتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل وكان جده عبد رب الحسين يقوم بها لمدة 80 سنة، قبل أن تنتقل لأبيه حسن الذي مارسها أكثر من 80 سنة ثم لي شخصيا لأمارس هذه المهنة لأكثر من 60 سنة.
-مواصفات الطبل
ويصف أبو مجيب الطبل بقوله يتكون الطبل من الحطب (سوسن) ومن جلد وطواقة خشب من رمان وحبل وحلقتين وقلادة، ويكون مصنوعا من جلد البقر أو الخيل وله جهتان الجهة الشمالية للضرب بالعصا، والجهة الجنوبية للضرب باليد ومع تقدم الأيام فإن جلد الطبل يضعف أو ينخرق ولا بد من تجديده. ويبلغ ارتفاع الطبل نحو 50 سنتيمتراً ويرفع الطبل باليد اليسرى ويطرق باليد اليمنى وتختلف الطريقة من مسحر لآخر وتعتمد النغمات الصادرة وعادة ما تكون شديدة للتنبيه على نوعية الإيقاع المستعمل.
شبـكة رآمس آلثقآفيه
http://alrames.net/index.php?act=artc&id=3213